تُعرف جزيرة سقطرى غالبًا باسم "غالاباغوس المحيط الهندي"، وتُعد من أكثر الأماكن تميزًا بيولوجيًا في العالم. وهي جزء من أرخبيل يقع في بحر العرب قبالة سواحل اليمن، وتشتهر بتنوعها البيولوجي المذهل، حيث إن العديد من أنواع الكائنات فيها لا توجد في أي مكان آخر على وجه الأرض. سقطرى تتبع اليمن، وتقع على بُعد حوالي 380 كيلومترًا جنوب شبه الجزيرة العربية و240 كيلومترًا شرق القرن الإفريقي. وتُعد سقطرى أكبر جزر الأرخبيل الستة.الخلفية التاريخية لجزيرة سقطرى: تتمتع جزيرة سقطرى بتاريخ غني ومثير يعكس موقعها الاستراتيجي عند ملتقى طرق التجارة القديمة بين إفريقيا والعالم العربي والهند. وقد جعلها انعزالها وتنوعها البيولوجي الفريد وتراثها الثقافي محطة مهمة للتجار والمستكشفين والإمبراطوريات عبر العصور.1- العصور القديمة والحضارات المبكرة: السكان الأوائل: يُعتقد أن أول من سكن سقطرى كانوا من أصول عربية جنوبية، وربما وصلوا إلى الجزيرة حوالي عام 1000 قبل الميلاد. كما تأثرت الجزيرة بالثقافتين الإفريقية والهندية نظرًا لموقعها التجاري. وتشير الأدلة من الأدوات الحجرية إلى أن البشر عاشوا على الجزيرة منذ آلاف السنين.2- التأثير الإغريقي والروماني: كانت الجزيرة معروفة لدى اليونانيين والرومان القدماء، وذُكرت في دليل الملاحة اليوناني "الطواف حول البحر الإريتري" في القرن الأول الميلادي. وتشير بعض الروايات إلى أن الإغريق استوطنوا الجزيرة بعد حملات الإسكندر الأكبر. وقد يكون اسم "سقطرى" مشتقًا من السنسكريتية "Dvīpa Sukhadāra" والتي تعني "جزيرة السعادة". اشتهرت الجزيرة في العالم القديم بإنتاجها للُّبان والمرّ والصَبِر، وهي مواد كانت ذات قيمة عالية في الطب والدين والتجميل لدى الحضارات القديمة.3- المسيحية والعلاقات الإسلامية: انتشرت المسيحية في سقطرى بحلول القرن الرابع الميلادي، على الأرجح عبر بعثات تبشيرية من إمبراطورية أكسوم (إثيوبيا حاليًا) والإمبراطورية البيزنطية. أسطورة القديس توما: وفقًا لبعض الأساطير، كان القديس توما أحد تلاميذ يسوع وقد زار الجزيرة في طريقه إلى الهند، حيث بشّر المسيحية لعدد كبير من سكانها. وقد تم اكتشاف آثار مسيحية قديمة على الجزيرة، مثل أطلال كنائس ونقوش. ومع بداية توسع الخلافة الإسلامية في القرن العاشر، اعتنق سكان الجزيرة الإسلام تدريجيًا، وحلّت الثقافة الإسلامية محل التقاليد المسيحية السابقة. خلال العصور الوسطى، لعبت سقطرى دورًا مهمًا كمحطة للتجار المسافرين بين الجزيرة العربية والهند وإفريقيا، وكانت حلقة وصل بين الأسواق في البحر الأبيض المتوسط وشرق إفريقيا وجنوب آسيا.4- الاحتلال من قِبل قوى مختلفة: الغزو البرتغالي في القرن السادس عشر: قاد الأميرال أفونسو دي ألبوكيرك الغزو البرتغالي لسقطرى عام 1507، رغبة في السيطرة على طرق التجارة البحرية بالمحيط الهندي ومنع التجار العرب من استخدامها. بنى البرتغاليون قلعة على الجزيرة، لكن مقاومتها من السكان المحليين وصعوبات الإمداد أدت إلى مغادرتهم بحلول عام 1511. سلطنة المهرة: من القرن السادس عشر وحتى القرن التاسع عشر، كانت سقطرى رسميًا تحت حكم سلطنة المهرة، لكنها ظلت معزولة ومستقلة إلى حد كبير. الاهتمام البريطاني: في القرن التاسع عشر أصبحت سقطرى ذات أهمية استراتيجية للبريطانيين، ضمن محاولاتهم للسيطرة على مواقع بحرية مهمة لضمان الوصول إلى الهند. حاول البريطانيون شراء الجزيرة عام 1834، لكن المفاوضات فشلت. ومع ذلك، ظلت سقطرى تحت الحماية البريطانية ضمن محمية عدن، لكنها لم تُستعمر رسميًا. في عام 1967، وبعد نهاية الحكم البريطاني لجنوب اليمن، أصبحت سقطرى جزءًا من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي). وفي عام 1990، انضمت سقطرى إلى الجمهورية اليمنية الموحدة. وفي ديسمبر 2013، أصبحت الجزيرة رسميًا محافظة مستقلة تُعرف باسم محافظة سقطرى. تضم الجزيرة مدينتين رئيسيتين هما حديبو (العاصمة) في الشمال وقلنسية في الشمال الغربي، إضافة إلى مئات القرى الصغيرة المنتشرة في أرجاء الجزيرة. ويُقدر عدد سكان سقطرى بحوالي 100,000 نسمة.5- الأهمية التاريخية والثقافية: ساهم انعزال الجزيرة في الحفاظ على لغتها القديمة "اللغة السقطرية"، وهي من اللغات السامية الجنوبية. كما تم الحفاظ على التقاليد الشفوية والعادات، مما يقدم لمحة نادرة عن ثقافات العرب القدماء وسكان المحيط الهندي. وفي عام 2008، صنفت منظمة اليونسكو أرخبيل سقطرى كموقع تراث عالمي نظرًا لتنوعه البيولوجي الاستثنائي وأهميته الثقافية.